Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
AGRAW IMAZIGHEN @@@الأمازيغ.. الرجال .الاحرار@@@ⴰⴳⵔⴰⵡ ⵉⵎⴰⵣⵉⴳⵀⴻⵏ
26 janvier 2008

من أبطال المقاومة الأمازيغية: أنطاالاس



يعد أنطالاس Antalas من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية الذين أظهروا شجاعة كبيرة وجرأة نادرة فيمواجهة القوات الوندالية والبيزنطية ومجابهة الروم في شمال أفريقيا إلى جانب گزمولGazmul ويابداس Labdas وكاركازان Carcasan وإيرنا Ierna وإيوداس Iaudas.
وقداستطاع أنطالاس أن ينتصر على القوات البيزنطية ويهزمها هزائم نكراء مرات كثيرة فيعدة مواقع من شمال أفريقيا ؛ لأن الإمبراطورية الرومية الشرقية أرسلت قواتهاالمتوحشة بعد قضائها على الوندال لكي تتوغل داخل تامازغا اقتداء بالإمبراطوريةالرومانية الغربية المندثرة من أجل استنزاف خيرات الممالك الأمازيغية واغتصابأراضيها ظلما وعنوة وتذليل أهلها وتركيع ساكنتها وتجويع أبنائها وقتل أبريائها
.
بيد أن أنطالاس وقف في وجه الغزو البيزنطي سنوات عديدة في حروب حامية الوطيس،ولم ينهزم أمام القوات الرومية البيزنطية الغازية إلا بالمكر والخديعة والغدر، وذلكعندما التجأ البيزنطيون إلى ضربه بإخوانه من القواد الأمازيغيين تطبيقا لشعارهمالمأثور:" اضرب الأمازيغيين بإلأمازيغيين
".
إذا، من هو أنطالاس؟ وماهي أهمالتطورات التي عرفتها مقاومته ضد الوندال والبيزنطيين؟ وماهي نتائج هذه الثورة؟ هذههي العناصر التي سنسلط عليها الضوء في هذا الموضوع التاريخيالمتواضع
.

1- من هو أنطالاس Antalas ؟

يعتبر أنطالاس من أهم زعماء المقاومةالأمازيغية المورية، ومن أشد قواد البربر ضراوة وشدة في المقاومة في شمال أفريقيا. وهو من أهم ملوك إمارة الفركسيس التي كانت توجد في جبال الظهر التونسية، وهو ابنالزعيم الموري گوينيفانGuenefan . وقد ظهر هذا الزعيم الموري في القرن السادسالميلادي، وبالتالي،عايش ظلم وقسوة الغزوين: الوندالي و البيزنطي. وهذا ما جعلهيحارب الوندال والبيزنطيين مدة طويلة ، فأوقعهم في هزائم كثيرة إلى أن وسع نفوذه فيالكثير من المناطق الأمازيغية في ليبيا وتونس ونوميديا . ولكن مقاومته لم تنطلق إلابعد أن عاث الوندال فسادا في أرض تمازغا ، وبعد أن اعتقل البيزنطيون تحت قيادةسيرجيوس Sergius رؤساء لواتة وقتلهم في قصره. ولم يخضع أنطالاس إلا في سنة 548م علىيد القائد البيزنطي جان طروگليتا jean Troglita .
أما إذا أردنا أن نحدد مملكةأنطالاس التي كان يحكمها هذا الملك الثائر" فتقع في قلب ولاية بيزاكينا، في جبالالظهر التونسية، في المثلث الذي يجمع بين تالة (Thala)، وطيليبت(Thelepte المدينةالقديمة)، وتيفستة ( Théveste طبسة). فداخل هذا المثلث نشأت النواة الأولى لمملكةالفركسيس Frexes التي يقودها أنطالاس الذي تمكن عند بلوغه السابعة عشرة من عمره منتنظيم ثورات متعددة على عهد أبيه گوينيفان زعيم القبيلة آنذاك؛ وعلى الرغم من أنالوندال نظموا حملة عسكرية وجهت ضده، فلقد تمكن من الانتصار عليها وتحقيق استقلالهعن الحكم الوندالي بين 532-523م . وعند زحف البيزنطيين بحث عن وسيلة للحفاظ علىاستقلال قبيلته وسيادته المحلية، فأسرع بتقديم ولائه ليوستنيانوس مقابل الاعترافبسلطته على قبيلته، لذلك أصبح حليفا للإمبراطورية لمدة عشر سنوات، كانت بيزنطةتمنحه خلالها راتبا سنويا مقابل إخلاصه. لكن سرعان ماتحول من موقف الحليف المخلصلبيزنطة إلى العدو الثائر على سلطتها. وقد يتضح ذلك من خلال التقديم لبعض الثوراتالتي شهدتها المنطقة، والتي يمكن أن تؤخذ كشكل من أشكال المقاومة المورية للاحتلالالبيزنطي
."
ولم يتمكن أنطالاس من تحقيق انتصاراته والحفاظ على استقلال مملكتهإلا باستشارة كبار مملكة الفركسيس، وتوحيد القبائل المورية، وتكوين جيش عتيد مدربعلى الكر والفر والمواجهة المباشرة وغير المباشرة، والاستعانة بالطبقات الاجتماعيةالكادحة المتذمرة المظلومة، وتطبيق سياسة ماسينيسا في محاصرة الأعداء وتطويقهم فيمعاقلهم وحصونهم، والتحالف مع قواد القبائل الأمازيغية الأخرى في تقوية الصفالأمازيغي في مجابهة العدو البيزنطي الزاحف كإيرنا ويوداسوكاركزان
.

2- تطـــور مقاومــــة أنطالاس:


أ- انهيـــارالونــــدال:

من المعروف أن البيزنطيين لم يستقروا بشمالأفريقيا إلا بعد القضاء على القوات الوندالية المتوحشة التي جاءت من أقاصي الجرمانلسفك الدماء في بلاد تامازغا ونشر الفساد في هذه المنطقة ونهب كل خيرات البلادوتخريب عمارة البرابرة ومدنية القرطاجنيين والرومان. وكان الوندال الهمج لايعرفونسوى لغة الذبح وتصفية المعارضين وقتل الشيوخ والنسوة والأطفال وحرق المغروس وتخريبالمدن ودكها، وكانت قلوبهم لاتعرف الرحمة كما كانوا لا يؤمنون بأسس المدنية ولابضرورة المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية . لأنهم كانوا في حقيقتهم بدوا ورعاةوغجرا قساة القلوب، متوحشين في أفعالهم يشبهون في التاريخ الوسيط القوات التتاريةالمغولية المتوحشة التي كان يقودها جينكزخان وهولاكو من أجل إسالة دماء البشروالحصول على الغنائم وسبي النساء وقتل ماعدا ذلك وحرق كل ما تنبته الأرض وتخريب كلعمران وأثر إنساني.
ولما دخل البيزنطيون إلى شمال أفريقيا وجدوا الوندال مازالوايحاربون المقاومين الأمازيغ، ولاسيما قائدهم الشهم أنطالاس الذي صادفت مقاومته ظهورالجمل الذي كان يثير خوفا في نفوس الوندال العداة، وفي هذا الصدد يقول الباحثالمغربي محمد بوكبوط:"ركز بعض المؤرخينعلى عامل أولوه أهمية مبالغ فيها، وحاولوابواسطته تفسير انهيار الحكم الوندالي، يتمثل في ظهور الجمل والقبائل الجمالة. فهذاالحيوان حسب تحليلهم قلب موازين القوى العسكرية بين الوندال- المشتهرين بالبطشوالشدة في حروبهم- والأمازيغ بسبب " الفزع" الذي كان يثيره منظر الجمل في صفوف فرقالفرسان الوندال
.
مرة أخرى نقف على محاولات المؤرخين الأوربيين ومن حذا حذوهملتجريد الأمازيغ من أي فعل تاريخي إيجابي، بإرجاع انتصاراتهم ومكتسباتهم إلى عواملخارجة عن طاقتهم وإدراكهم وعزمهم الأكيد على طرد الغزاة المحتلين، بحيث يتعامىالطرح السالف على وقائع تاريخية تؤكد حقيقة لامراء فيها، وهي استمرار المقاومةوالمعارضة من جانب الأمازيغ ضد الأجانب المغتصبين لأرضهم، هذه المعارضة التي اختلفتطبيعتها حسب موازين القوى بينهم وبين خصومهم. فإذا كانت خلال قوة الإمبراطوريةالرومانية ذات طابع سلبي ... فإنها أصبحت معارضة منظمة إيجابية خلال حكم الوندال،ذلك أن إمارات متعددة نشأت في المناطق المحررة من النير الأجنبي وعملت على تحقيقالهدف التاريخي للأمازيغ الذين طردوا إلى الهوامش والمعاقل الجبلية، والمتمثل فيالرجوع إلى الشمال والمناطق الغنية
.
غير أن هذه السيرورة التاريخية كلما دنت منالتتويج تصطدم بموجة عاتية تجهضها، ممثلة في إرادة قوة أجنبية أخرى كان لتدخلها أثرمعرقل
."
وستساعد ثورة أنطالاس الطويلة على الوندال واشتعال الثورات الدينيةوالاجتماعية والعسكرية والثقافية في التعجيل بانهيار الوندال وتعبيد الطريق أمامالبيزنطيين للدخول إلى شمال أفريقيا للاستقرار فيها مدة قرن منالزمن
.

ب- دخولالبيزنطيين إلى أفريقيا الشمالية:


لم تباشر الإمبراطوريةالبيزنطية في إرسال قواتها العسكرية إلى شمال أفريقيا لمنازلة الوندال إلا بعدإحساسها بضعف العدو الجرماني عسكريا وميدانيا أمام المقاومة الأمازيغية الشرسة التياستنزفت القوة الوندالية ، ووجهت لها ضربات موجعة في معارك شتى فوق التراب النوميديوالتونسي والليبي بالخصوص.
وهكذا، فقد" أبحرت القوات البيزنطية نحو شمال أفريقيالمنازلة الوندال سنة 534م، ولم يجد بليزير كبير عناء في سحقهم ودخول عاصمتهم قرطاج،فضمت بذلك أفريقية إلى حظيرة الإمبراطورية البيزنطية مدة قرن منالزمن(434-534م
).
والحقيقة أن هذا الانتصار السريع الذي حققه البيزنطيون توفرتله ظروف ملائمة مرتبطة بوضع مملكة الوندال، أهمها الثورات الاجتماعية الدينية التيأشعلها الأمازيغ في المنطقة الخاضعة للنفوذ الوندالي، مع ماترتب عليها من انعكاساتسياسية وعسكرية سلبية، كما أن الأمازيغ الكاثوليك بعثوا رسلاإلى بيزنطة طالبين منإمبراطورها تجريد حملة عسكرية مع إعطاء ضمانات بانتصارها على الوندال، الشيء الذييفسر عدم اصطدام البيزنطيين بمقاومة شعبية أمازيغية. بل نجد أنه عقب إنزال القواتالبيزنطية كان الملك الوندالي جلمار على رأس أغلبية قواته في حملة لقمع ثورةبالساحل الجنوبي لإفريقية، تزعمها أمير أمازيغي يدعى أنطالاس
."
ونهجت الحكومةالبيزنطية سياسة التحصين وبناء المعاقل على غرار خط الليمس الروماني للحفاظ علىوجودهم في إفريقيا الشمالية بعد أن احتلوا تونس وجزءا من نوميديا الشرقية ( الجزائر). وفي الغرب احتلت موانئ تيبازة وشرشال وسبتة وتينجي. وبدأت الحكومة فياستغلال ثروات تامازغا واستنزاف خيراتها على غرار السياسة المتبعة من قبل الرومانفي العهود السابقة. وشجعت الملاكين ورجال الدين والمرابين على امتلاك الأراضيواستغلال الأمازيغيين وفرض الضرائب الفاحشة والتوسع في الكثير من المناطق من شمالأفريقيا من أجل خدمة المصالح الإستراتيجية للإمبراطورية البيزنطية. بيد أن هذهالسياسة التوسعية ستجابه بمقاومة أمازيغية شرسة ولاسيما في نوميديا وتونس وليبياوقد قادها كل من أنطلاس ويوداس وكوتزيناس بعد أن استغلوا ضعف البيزنطيين وصراعهمحول السلطة وتهافتهم حول الغنائم والنفوذ السياسي والمالي:" فبعد موتجوستنيار(يوستنيانوس) سنة565م، تأكد بالملموس أن الأوضاع تغيرت بعمق في أفريقياالبيزنطية، إذ تواطأ كبار الملاك والموظفون وضباط الجيش للهيمنة على مقاليد الأمور،وانتشر النهب والاستغلال الجشع، وما كثرة التحصينات حول المدن في ذلك العهد إلادليل على تلاشي السلطة واتساع الهوة بين الحاكمين البيزنطيين والأمازيغ المحكومين،بحيث أعلن هؤلاء الثورة واتساع الهوة بين الحاكمين البيزنطيين في مدنهم، كما اتبعالأمراء الأمازيغ سياسة ماسينيسن (ماسينيسا) الطويلة النفس، المتمثلة في الضغطوالمضايقة المستمرين. ومن أشهر هؤلاء الزعماء الأمازيغ الذين تصدوا للاحتلالالبيزنطي يوداس أمير الأوراس الذي كانت نوميديا مجال حركته، وكورتيزاس الذي حاربالبيزنطيين في افريقية وغيرهما من الأمراء الأمازيغ الذين تزعموا حسب المؤرخينثماني أو تسع إمارات
"
ومن جهة أخرى، فقد ضمن البيزنطيون عن طريق سياسة التحصينوبناء المعاقل" بقاء مهمشا لمواقعهم على الساحل المتوسطي الأفريقي لمدة قرون، دونأن يتمكنوا من التوغل في الأراضي الداخلية كما فعلوا في مصر والشام وآسيا الصغرىوإيطاليا. ضمنوا لها البقاء،دون ضمان الأمن؛ كانوا عادة لاينتقلون من موقع إلى موقعإلا عن طريق البحر. ولما امتدت أنظار الروم إلى بعض أراضي أفريقيا ونوميدياالشرقية، نشطت المقاومة الأمازيغية نشاطا كبيرا بقيادة زعماء من قبائل" أوراس" ،وقبائل " اللواتة" الليبية أمثال يابداس وأنطالاس وكاركزان. فانهزم البيزنطيون عدةمرات، مع لجوئهم إلى الغدر في غير مناسبة، وقتل منهم عدد من القواد العسكريينالكبار، فاضطروا مرارا إلى أداء الفدى وتقديم الهدايا النفيسة. فبالإضافة إلىالمناوشات التي تحدث بين الطرفين باستمرار، قد دارت بينهما معارك طاحنة سنة 537منوسنة543م، وسنة 550م، وسنة563م، فبرز في تلك المعارك قواد عسكريون أمازيغيون مهرةأمثال"گزمول" الذي هزم بالتوالي ثلاثة جنرالات وقتلهم. وكان المقاومون كلما انهزموالاذوا بالجبال أو الصحراء. وكان الأسرى منهم يتحدون الجنود الروم ويسبون الإمبراطوروهم مصفدون. فأدرك القواد البيزنطيون أن " البربر لايمكن أن يهزمهم إلاالبربر!".فاستدرجوا قبائل " أوراس" إلى التحالف معهم بقيادة يابداس وإفيسداياس Ifisdaias ؛ فقتل أنطالاس. وفي سنة597م خادع الروم البربر وغدروا بهم غدرا شنيعا،وهزموهم. ثم، تواصلت المناوشات إلى أن جاء الإسلام
."
وهكذا، فقد حاول البيزنطيونأن يحافظوا على وجودهم في شمال أفريقيا ولو لفترة مؤقتة قصد استغلال المنطقةاستغلالا سريعا لتأمين اقتصاد الإمبراطورية المركزية عن طريق شراء ضمائر القوادالأمازيغيين وضمان تحالفهم ، ونشر التفرقة بين الأهالي والغدر بهم في الأخير، بيدأنهم لم يفلحوا في ذلك بسبب اشتداد المقاومة الأمازيغية في كل ربوع تامازغا احتجاجاعلى الوجود البيزنطي في أرضهم
.

ج- مقاومة أنطالاس للقوات البيزنطية:


لميحارب أنطالاس القوات البيزنطية إلا بعد مقتل زعماء لواتة وقتل أخيه وتوقف راتبهالسنوي . وبالتالي، رفض أنطالاس بشكل قاطع أي تحالف مشين مع البيزنطيين الذينأرادوا تجويع الممالك الأمازيغية من أجل تصدير خيرات الأمازيغ الأحرار إلى بيزنطة،وفي هذا السياق تقول الأستاذة ماجدة بنحربيط:" ومن بين هذه القبائل نذكر قبيلةاللواتيين Levathes الذين كانوا يستقلون ببعض الأراضي الواقعة على حدود مدينة لبدة،ولقد أدت إهانة الحاكم البيزنطي سرجيوسSergius لبعض ممثليهم، وقتله لأعداد كبيرةمنهم، حين اشتكوا له تطاول الجيش البيزنطي على أراضيهم، إلى إعلانهم الحرب علىبيزنطة، ويبدو أن انتصار البيزنطيين عليهم في المعركة الأولى، دفع بهم إلى دعوة كلالقبائل المورية سواء التي تستقر داخل الأراضي الطرابلسية أم خارجها إلى تنظيمصفوفهم استعدادا للحرب، وانتقلوا جميعا إلى بيزاكينا للاتصال بأنطالاس الذي أعلنبدوره عن محاربته للبيزنطيين بسبب مقتل أخيه على يد سولومون وتوقف راتبه السنويالذي تقدمه له بيزنطة منذ تحالفه مع بليزاريوس."
ولم يقاوم أنطالاس البيزنطيينفحسب، بل واجه قبلهم الجيوش الوندالية وخاصة في الساحل الجنوبي لإفريقية. واستطاعأن ينتصر على الوندال وأن يعكر صفو رؤسائهم وقوادهم الذين كرسوا وقتا كبيرا لدحرقوات أنطالاس، ولكن بدون هدف يذكر ولا جدوى. وقد أهلت الحروب التي خاضها أنطالاس ضدالوندال لامتلاك خبرة كبيرة في إدارة الحروب وتسيير دفتها وإعداد الجيوش إعداداحسنا في مواجهة القوات البيزنطية الغازية
.
هذا، وقد فشل البيزنطيون في بدايةالأمر فشلا ذريعا في مواجهة القوة الأمازيغية بسبب كثرة القلاقل والفتن التي كانتتشتعل كل وقت وحين في مناطق النفوذ البيزنطي والتي كان وراءها القواد الأمازيغيونالكبار أمثال: أنطالاس ويوداس وكوتزيناس، وقد سببت هذه الحروب المتطاحنة بينالبيزنطيين والبرابرة في استنزاف قوة الغزاة الذين لم يستطيعوا الصمود أمام القواتالعربية الفاتحة بهدف نشر الإسلام، وفي هذا يقول الأستاذ محمد بوكبوط:" أمام الضغوطالقوية لتلك الإمارات الأمازيغية المحيطة بمناطق نفوذ البيزنطيين، كان رد فعلهميائسا، بإتباع سياسة الغدر والإرهاب والاستغلال الفظيع، مما أدى إلى إضرام نيرانثورات عارمة أضعفت حكمهم، فلم يقو على الصمود أمام الجيوش العربية الفاتحة، التيدحرتهم وأزالت دولتهم بشمال أفريقيا سنة 649م، لتبدأ صفحة جديدة من تاريخالأمازيغ
.".
وكانت ثورة أنطالاس ثورة اجتماعية ودينية وبروليتارية شاملة

شارك فيها الأهالي والفلاحون والعبيد والأقنان والمياومون الأجراء والمظلومونمن ساكنة تامازغا، فانتفضوا ضد الاستغلال البيزنطي وتظاهروا ضد سياسة الإقصاءوالتهميش، وطرد الأمازيغيين من أراضيهم وممتلكاتهم، فوجدوا في مناصرة أنطالاس حلاللانتقام من الأعداء والتشفي من الوجود البيزنطي الذي جوعهم وتركهم حفاة عراة بدونأراضيهم وممتلكاتهم وخيراتهم
.
ويعني هذا أن العامل الاقتصادي كان من بينالعوامل التي أشعلت المقاومة العسكرية التي قادها أنطالاس ، وهذا العامل يركز عليهكثيرا الدكتور عبد الله العروي باعتباره سببا مباشرا لانفجار ثورة أنطالاسالتحررية:" في بداية القرن السادس طرد أنطالاس وأتباعه الملاكين البيزنطيين منمنطقة غرب تونس الحالية، كيف لانتصور أن العملية تمت وسط فرحة الأهالي المزارعين! عندما تحصن البيزنطيون في المدن وطوقوا جبل الأوراس لكي لا يباغتهم سكانه، عندماتقدم البربر الثائرون من طرابلس إلى ضاحية قرطاج سنة587م، والحكم آنذاك بين يد قائدالجيش الإمبراطوري جيناديوس، أكان من الممكن أن تتحقق هذه الانتصارات لو لم يحظالثوار بإعانة الأقنان والمياومين وصغار الملاكين الذين تحرروا من عبء السخرةوالضريبة والكراء؟ صحيح أن سكان المغرب المفتوح، المعروفين باسم الأفارقة اليوم ،كانوا يختلفون دينا ولغة وعادات عن الماوريين، أو البربر الأحرار، لكن بما أنالكنيسة الكاثوليكية قد ربطت مصيرها بالنظام الإمبراطوري، ألا يجوز لنا أن نفترض أنالمغاربة غلبوا في النهاية المصالح المشتركة على الفوارق الثقافية؟
"
وعليه، فلمتقم ثورة أنطالاس في مواجهة البيزنطيين سوى من أجل الانتقام من الظالمين الذينكانوا يسفكون دماء الأمازيغيين بدون رحمة ولا شفقة، والثأر من هؤلاء الروم الغادرينالذين قتلوا رؤساء قبيلة لواتة نزولا إلى أوامر سيرجيوس في تصفية المعارضينوالمقاومين الشرفاء. وقد خاض أنطالاس عدة حروب ضد الكثير من القواد البيزنطيين،واستطاع بخبرته المحنكة في القتال أن يهزمهم شر هزيمة، ولكنه سينهزم في الأخير معالقوات البيزنطية التي كان يقودها جان تروگليتا (يوحنا التروليطي) بعد ما أن منيبمكائد إخوانه الأمازيغ والخونة المتعاونين مع قوات الأعداء الغزاة
.
وعلى الرغممن ذلك فلم تفلح الإمبراطورية الرومانية في فرض سيطرتها على الممالك الأمازيغيةبسبب كثرة الفتن والثورات التي كانت تشتعل هنا وهناك إلى أن جاءت القوات العربيةالإسلامية لتضع نهاية للوجود البيزنطي في شمال أفريقيا. ويوضح ما قلناه الأستاذإبراهيم حركات في كتابه" المغرب عبر التاريخ":" أدى التهور بسرجيوس حاكم طرابلس إلىاعتقال رؤساء لواتة وقتلهم في قصره فتألب البربر على البيزنطيين تعضيدا لإخوانهموقاد الثورة البربرية أنطالاس الذي قضى على سالومون Salomon وجيشه في معركة قصرينسنة543م
.
ولم يوفق سرجيوس الذي خلف سولومون في التغلب على البربر الذين اكتسحوامدن أفريقية ونوميديا وهزموا جيوشه في كل مكان. ورغم تعيين القائد أريوبندوس Aréobindus مساعدا له، فإن أنطالاس استمر في اكتساحه للمدن والقرى، بينما دبرتمؤامرة ضد أريبوندوس من لدن بعض أعدائه العسكريين الذين قدموا رأسه إلى أنطالاس،وأخيرا عين القائد جان طروگليتا على جيش بيزنطة بأفريقية. وبعد سنوات طويلة منالصراع استطاع إخضاع أنطالاس سنة548م، حتى إذا مات جستنيان سنة 565م استأنف البربرالكفاح ضد البيزنطيين الذين قاموا بإنشاء تحصينات عديدة في المراكز التي كانوايحتلونها بما في ذلك سبتة
.."
وهكذا نستنتج أن أنطالاس أذاق البيزنطيين مرارةالهزائم المتوالية وخاصة في معركة قصرين التي سقط فيها سالومون صريعا. وبعد ذلك،توالت هزائم القواد البيزنطيين بشكل فظيع:" لقد استغل الموريون ارتفاع أعدادهم فيهذه المرحلة مقارنة بأعداد البيزنطيين فضلا عن تشتت صفوف هذا الأخير بسبب تمرد بعضعناصره، فأحرزوا على الانتصار، خلال هذه المعركة التي سقط سلومون خلالها صريعا،والتي تسمى معركة كيليوم نسبة إلى مدينة كيليوم (قصرين) Cilium ، بينما لجأت باقيالعناصر البيزنطية إلى الفرار. وتوالت انتصارات الموريين على البيزنطيين فيبيزاكينا، إذ تمكنوا من التقدم نحو ولاية البروقنصلية التي شهدت بدورها بعض أطوارالصراع البيزنطي- الموري خلال هذه المرحلة، والتي اهتم بوصفها كلا من بروكوپوكوريبوس؛ مما دفع بيوستتنيانوس إلى تعيين مجموعة كبيرة من القادة العسكريين للقضاءعلى هذه الثورات . كان آخرهم هو يوحنا التروليطي الذي قاد المرحلة الأخيرة من مراحلالحرب المورية- البيزنطية
."
ولكن لم تخمد مقاومة أنطالاس ومقاومة رفاقهالأمازيغيين إلا بسبب الخيانة الأمازيغية و غدر الأهالي بأبطالهم حقدا وحسدا وطمعافي الغنائم الرومانية والوعود البراقة التي كان يثق فيها البرابرة؛ مما يجعلهميلتجئون إلى الغدر بزعمائهم وقوادهم من خلال التحالف مع القوات البيزنطية، وفي هذايقول بعض المؤرخين المغاربة:" أما البربر- أهل البلاد- فقد سلك معهم الروم سياسةخاصة قوامها استمالة الرؤساء وبذر الشقاق فيما بينهم. وقد كان الروم يعلمون- كماعلم الرومان قبلهم- أنهم لا يزالون بخير مادامت كلمة الأهالي متفرقة لم تجتمعوقلوبهم شتى؛ ولهذا كانوا يستقدمون رؤساء البربر لقرطاجنة؛ فيسبغون عليهم من الحللوالخلع ما يثلج صدورهم ويجعل ألسنتهم رطبة بالثناء عليهم؛ ثم يوسوسون لهم حتىيغيروا بعضهم على بعض. ولو علمت ماكان بين رؤساء البربر من البغضاء والشحناءوالتنافس في أتفه الأمور وأحقرها شأنا لعرفت مقدار تطاحنهم وتهافتهم على أبوابالحكومة البيزنطية سعيا في إشباع رغباتهم وتحقيق مصالحهم الشخصية. كل ذلك والرومينظرون إليهم في شيء من الغبطة والارتياح بما نفذ فيهم من سياسة الفرقةوالسيادة
."

3- نتائج ثورة أنطالاس:


تتمثل نتائج المقاومة الأمازيغية التيأشعلها أنطالاس في إسراع البيزنطيين إلى تطويق الأمازيغيين ومحاصرتهم عسكريا من أجلاستنزاف خيرات تامازغا بشكل مستمر؛ لأنهم كانوا يعلمون أنهم لن يظلوا متشبثين بهذهالأراضي بسبب المقاومة الشرسة التي كان يشعلها المقاومون البرابرة، لذلك عملالبيزنطيون على التنكيل بكل الزعماء الأمازيغ الأقوياء وإعدامهم بقسوة لانظيرلها:"كان الزعماء البربر يعترفون بسيادة اسمية لمن حكم قرطاج وماحواليها، لكنهميرفضون كل عودة إلى وضعية ما قبل القرن الثالث، إلى عهد التوسع والاستغلال المباشر،وهو موقف لايتسم بالخداع والحقد والطيش،كما يقول المؤرخون الغربيون، بقدر ما يتميزبما اتسمت به سياسة ماسينيسن من عناد وطول النفس، من لجوء إلى خطة لا تتغير وهيمحاصرة الروم في حماهم الحصين، حمى القرطاجيين ومن جاء بعدهم ومضايقتهم جنوباوشرقا. تدل وقائع لأواخر العهد البيزنطي عن يأس شديد إذ لجأوا باستمرار إلى الغدروالخيانة والانتقام والمباغتة، إلى الحيل التي يرغم على إتباعها عادة المحاصرون. كلقائد سقط بين أيديهم أعدموه في الحين، وهذا ما حصل لأنطالاس وكركزان وگرمول. أحسوامنذ البداية أن حكمهم مؤقت فقرروا الاستفادة منه في أقصر وقت. استغلوا الناس فوق مايطاق فأضرموا نار ثورة لاتخمد."
ولم يتم القضاء على ثورة أنطالاس - كما أثبتناذلك سالفا- إلا باستعانة الإمبراطور يوستنيانوس بيوحنا الترولوطي الذي عينه سنة546محاكما جديدا على أفريقيا ليتولى الإدارة المدنية والعسكرية، ويقضي على كل الثوراتالأمازيغية المعارضة، ويوقف المقاومة المورية بالنار والحديد ولاسيما ثورة أنطالاسالواسعة
.
ولما غادر:" يوحنا القسطنطينية متجها نحو الساحل الإفريقي بوصوله إلىولاية بيزاكينا، استقبل مبعوثا موريا ينصحه باسم ملك الفريكسيس أنطالاس بالتراجعوعدم خوض حرب، سيحقق خلالها النصر للموريين ومذكرا إياه بالانتصارات التي حققهاأجداد الموريين على الإمبراطور الروماني ماكسيميان Maximien في القرن الثالثالميلادي305-286م
.
لكن تروليطا لم يبد اهتماما برسالة الملك الموريين وخاضتفيالق من الجيش البيزنطي معركة ضد الموريين انتهت بهزيمة البيزنطيين وفرارهم، ولماعلم تروليطا بهزيمة الفيالق البيزنطية ، نظم صفوفه لمواجهة أنطالاس قائد الفريكسيسوإيرنا قائد اللواتيين، واهتم كذلك بالبحث عن حلفاء له في الأوساط المورية، وتحققله ذلك حين تحول الموريون أتباع كوتزينا عن موقفهم المعادي لبيزنطة، وحاربوا إلىجانبها في المعارك الأخيرة
."
وإذا كانت نتائج المعارك والتطاحنات بين الفريقينفي الأخير لصالح البيزنطيين بسبب خيانة البربر، وحسدهم لبعضهم البعض، وكثرة أطماعهمالتي لاتنتهي، والانتقال إلى قصور البيزنطيين من أجل التوسل والاستجداء رغبة فيإشباع رغباتهم ونزواتهم على حساب الوطن وكينونة الأهالي والشرف الأمازيغي، فإنهم- كما قلنا سابقا- لم ينعموا بانتصاراتهم في بلاد تامازغا؛ وذلك لاشتداد المقاومةالأمازيغية وظهور قواد جدد يحملون مشعل التصدي والتحدي لتحرير البلاد من كل الغزاةالمستغلين، إلى أن جاء الإسلام ليخلص البربر من الضيم والظلم ويدخلهم في دين جديدقوامه العدالة والكرامة والحرية والأنفة
.

خاتمــــــة:


يمثل أنطالاس المقاومة العسكريةالأمازيغية في عهد البيزنطيين خير تمثيل؛ لأنه استطاع أن ينتصر على القواد وجنرالاتالإمبراطورية البيزنطية، وأن يسحقها بكل قوة وشراسة في عدة معارك حامية الوطيس، وقدتأثر في مقاومته للبيزنطيين المتحصنين في المعاقل والثكنات العتيدة بالطرائقالعسكرية والسيناريوهات الحربية التي انتهجها أجداده أمثال: يوغرطة وتاكفاريناسوماسينيسا . ولم تخمد ثورته العسكرية إلا عن طريق الخيانة البربرية وشراءالبيزنطيين لذمم رؤساء القبائل للتحالف معهم ضد الثوار المنشقين عن الحكم البيزنطيوتطويق المقاومة الأمازيغية ومحاصرة زعمائها أينما حلوا وارتحلوا.
وعلى الرغممن ذلك، فقد اشتدت المقاومة الأمازيغية ضراوة واشتعالا في الكثير من مناطق شمالأفريقيا؛ مما جعل البيزنطيين لا ينعمون بالاستقرار والأمن في تحصيناتهم ومعاقلهم ،وقضوا قرنا كاملا في الدفاع عن نفوذهم وأطماعهم إلى أن جاء الإسلام الذي وضع حدانهائيا للوجود البيزنطي في شمال أفريقيا، وأدخل الأمازيغ في دين جديد وجدوا فيهلأول مرة ماكانوا يصبون إليه من عدالة وحرية وكرامة إنسانية وتسامحكبير
.

Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Derniers commentaires
Newsletter
AGRAW IMAZIGHEN @@@الأمازيغ.. الرجال .الاحرار@@@ⴰⴳⵔⴰⵡ ⵉⵎⴰⵣⵉⴳⵀⴻⵏ
Catégories
Publicité